سرائيل حاجة أم طلب
عندما أنشأ الكافر دول الضرار كانت الحاجة ماسة لوجود أمر يستقطب عواطف الأمة الإسلامية وتجتمع عليه , ومن ناحية أخرى يلهي الأمة عن التدمير المنظم الذي يمارسه الكافر ومغتصبوا السلطة ولقد كانت –فلسطين-بامتياز هي المستقطب والالهية ,مما يعني أن وجود القضية الفلسطينية كانت الحاجة ماسة لضمان بقاء أعوانه وأتباعه وصنائعه في الحكم و حتى ولو لم تكن هناك قضية فلسطينية لأنتجوا أو اخترعوا قضية تشبه القضية الفلسطينية حتى تمر عبرها خططهم وتتحقق أهدافهم كما صنعوا حديثا قضية العراق وإيران وأنتجوا وصنعوا حرب العراق والكويت ثم اتخذوا منها ذريعة لتحطيم أوصال العراق وبناء بيتهم الدائم في الجزيرة العربية.
لقد كانت الأوضاع الداخلية للدول العربية سواء في العراق أو مصر أو سوريا تمر بمرحلة الاضطهاد السياسي لكل مخالف لهذه الحكومات وعملية الاغتيالات السياسية تحدث لتعبر عن حجم الكبت الموجود داخل الدولة والصراع السياسي المقيت بين الأحزاب ومحالفة بعض الأحزاب للكافر حتى يتحقق هدفها السياسي ولو على حساب كرامة وعزة واستقلال بلده.
ويتحدث الأستاذ سميح شبيب في كتابه(حكومة عموم فلسطين) فيقول (كذلك اعتبر دافيد بن غوريون سقوط حيفا نقطة التحول الرئيسية في فتح الطريق نحو القدس, وفي ميلاد الدولة اليهودية.... وتتالي سقوط المدن الفلسطينية اثر ذلك فسقطت صفد في 11 أيار وبيسان في 12 أيار وعكا في 16 أيار ويافا قبل ذلك في يوم 29 نيسان وبرزت خلال تلك الفترة فكرة روجت لها الأنظمة العربية ومفادها, بأن سقوط المدن لا يشكل خطورة بالمعنى العسكري,ذلك أن قدرة الجيوش العربية على تحريرها قائمة)ص17+18.
ومما حصل اليوم حصل بالأمس فلقد عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعا في عمان13/أيار/1948 لدراسة الموقف ويستطرد سميح شبيب قائلا( ومما يجدر ذكره في هذا المجال أن(الجيش العربي) الأردني لم تكن لديه وحدات خدمات خاصة به, بل إنه كان يعتبر جزءاً من القيادة العسكرية البريطانية , ويذكر غلوب باشا أنه خلال الأعوام ال28 التي أعقبت تشكيل الجيش لم يكن أحد يتصور أن يخوض هذا الجيش حربا معتمدا على نفسه....ومع ذلك وبغية ضمان نتائج الحرب,وفق التصور الأردني حاولت الحكومة الأردنية من طرفها أن تثني من عزم الدول العربية على الدخول إلى فلسطين وأن تبعدها عن الاشتراك في تقرير مصيرها....فاقترحت في مجلس الجامعة أن يتولى الجيش العربي منفردا مهمة مقاومة الإسرائيليين شريطة أن تقوم الدول العربية الأخرى بتقديم مبالغ كافية لتقوية الجيش وزيادة جنوده ,هذا في الوقت الذي أكد فيه غلوب لأمين الجامعة العربية عبد الرحمن عزام أنه لا جدوى من دخول الحرب, وأنه ليس بإمكان الأردن تقديم أكثر من(4500) رجل.
ويؤكد غلوب بأن الحكومة الأردنية تحت ضغط الرأي العام الشعبي ستأمر الجيش بالدخول إلى فلسطين عند انتهاء الانتداب)ص23
حددت الدول العربية الساعة12 من ليلة 15/5/1948 موعدا لدخول جيوشها إلى فلسطين ,وهي الساعة ذاتها التي حددتها بريطانيا لإنهاء انتدابها....واستهدفت الحكومات العربية من دخول جيوشها إلى فلسطين في المرحلة الأولى من القتال تحقيق هدفين مزدوجين
1- امتصاص الرأي العام الشعبي المطالب بالقتال
2- تنفيذ ما هو أكثر من قرار التقسيم وتهيئة الأجواء المناسبة لضم الضفة الغربية إلى الأردن وقطاع غزة إلى الإدارة المصرية)ص24
هذا ما قاله سميح شبيب عن مواقف الدول العربية ولنقرأ كلمات قالها الأديب اليهودي(اسحق بار موشيه) في قصصه وذكرياته (الخروج من العراق)(قل هذا بالطبع لم يكن ليحملنا أفرادا أو جماعات على الظن بأن هجرة جماعية إلى البلاد المقدسة هي من الأمور التي يتعين علينا انتظارها, إلا أن الحكومات السعيدية التي تصرفت بغباوة مطلقة, وكان همها قبل كل شيء إنقاذ نفسها من كراهية الشعب...قدمت للحركة الصهيونية أكبر خدمة عندما تبنت خطة نازية لمضايقة اليهود ثم لاقتلاعهم من جذورهم).
وفي الصفحة التالية من كتابه يقول(الا ان أكبر خدمة قدمتها أي جهة من الجهات إلى هذه الحركة وأغراضها كانت الغباوة والحمق وقصر النظر التي تميز بها الاضطهاد السعيدي –يقصد نوري السعيد-لليهود العراقيين, وأكبر دفعة حصلت عليها الحركة الصهيونية إلى الأمام هي القرارات السرية التي كانت الحكومة العراقية قد اتخذتها في تلك الأيام ربما لحماية نفسها من نقمة الشعب وغضبه وكراهيته, عن طريق تحويل المقت والجوع والإرهاب التي كانت تلهب بها ظهور الشعب العراقي إلى عملية بسيطة في رأيها, وهي عملية اضطهاد اليهود وجعل هذا الاضطهاد وسيلة حكومية رسمية تقوم عليها محاكم التفتيش فتظلم اليهود لتخيف العرب)ص 14+15
وبعد تفريغ العراق اتجهت أنظار الصهيونية إلى يهود الأقطار العربية الأخرى واستطاعت أن تحقق أهدافها بجهد أقل
لقد كانت القضية الفلسطينية بالنسبة لحكام العرب هي المظلة السياسية التي يحتمي تحتها كل صاحب انقلاب ليعطي الشرعية لنفسه فيما اغتصبه , ويرفع الشعار شبرا زائدا عن سلفه بضرورة تحرير فلسطين , وهم أبعد الناس عن ذلك وأختم هذا الجزء لرواية يرويها مهدي عبد الهادي من أنه قد التقى ضابطا من المؤسسين لدولة يهود فسأله عن أصعب(48) ساعة مرت عليهم فقال: عندما دخلت الجيوش العربية كانت أدق الأوقات وأحرجها, لأننا ظننا أن هناك خطة مشتركة باتفاق مشترك وبعد(48)ساعة أحسسنا بالارتياح والانفراج.
[b]